Monday, September 03, 2007

فلورينتينو اريثا

كانت مأساة فلورنتينو اريثا أثناء عمله كاتبا لشركة الكاريبى للملاحة النهريه، تكمن فى أنه لم يكن قادرا على عدم التفكير بفيرمينا داثا، ولم يتعلم أن يكتب أبدا دون التفكير بها. وفيما بعد، حين نقلوه لأداء أعمال أخرى، كانت دواخله تفيض حبا لايدرى ما يفعل به، فراح يهديه إلى العاشقين الذين لايتقنون الكتابة بكتابة رسائل حب مجانية لهم فى زقاق الكتبه العمومين حيث كان يذهب بعد انتهائه من العمل. كان ينزع سترته بحركاته الوقورة ويعلقها على مسند الكرسى. ثم يضع الأكمام المستعارة كى لا يلوث قميصه، ويحل أزرار الصدريه ليفكر بشكل أفضل، ويبقى أحيانا حتى ساعة متأخرة من الليل، باعثا الأمل فى البائسين برسائل حب تبعث على الجنون. وبين حين وأخر كان يجد امرأة فقيرة تعانى مشكلة مع ابنها أو محاربا قديما يلح فى طلب دفع تعويضاته، أو أحدا سـُرق منه شىء ويريد الشكوى أمام الحكومة، لكنه كان عاجزا عن تلبية رغباتهم مهما بذل من جهد لأنه لم يكن قادرا على اقناع أحد إلا فى رسائل الحب.لم يكن يسأل زبائنه الجدد أى سؤال، إذ كان يكتفى برؤية بياض عيونهم ليعرف حالتهم، فيملأ ورقة بعد ورقة بكلمات حب خارقة وذلك بمعادلة مضمونة النتائج هى الكتابة مفكرا بفيرمينا داثا ولاشىء سواها. ومع انتهاء الشهر الأول أصبح عليه أن يضع نظام حجز مسبق، حتى لا تجعله أشواق العاشقين يفيض متجاوزا تلك الحدود
ان أجمل ذكرياته عن تلك الحقبة هى ذكرى صبية خجول، تكاد تكون طفلة، طلبت منه وهى ترتعش أن يكتب لها ردا على رسالة ملحة تلقتها لتوها، وعرف فلورينتينو اريثا بأنه كان قد كتبها فى مساء اليوم السابق. رد عليها بأسلوب مختلف بما يتناسب مع انفعالات الصبية وسنها وبخط يبدو كذلك وكأنه خطها، إذ يحسن اصطناع خطوط لكل مناسبة حسب طبيعة كل شخص، كتبها متصورا ماكانت سترد به عليه فيرمينا داثا لو كانت تحبه كثيرا كما تحب تلك المخلوقة المتعدة عاشقها. وبعد يومين طبعا كان عليه أن يكتب رد الحبيب بالخط والأسلوب ونوع الحب الذى خصه به فى الرسالة الأولى، وهكذا وجد نفسه متورطا فى مراسلة محمومة مع نفسه وقبل انقضاء شهر جاءاه كل على انفراد ليشكراه لما كان قد اقترحه فى رسالة الشاب ووافق عليه بإخلاص فى رد الفتاة. انهما سيتزوجان
جابريل جارسيا ماركيز
الحب فى زمن الكوليرا

5 comments:

رانيا منصور said...

هتشجعني اقراها !


جميل..

fawest said...

لا رواية
بعد الحب فى زمن الكوليرا
لن اتزوق رواية بقدر الحب لماركيز لقطة جميلة احبه

غادة الكاميليا said...

جامده جداااااااااا

عوليس said...

رانيا:أكيد لازم تتقرى لان ماركيز فيها مجرم وعبقرى

فاوست: بداية شرفتنى بالزياره الجميلة دى وثانية اتفق معك فى ان الحب الذى تنضح به هذه الروايه عجيب وراع لأقصى درجه
تحياتى

غاده:الحمد لله انها عجبتك

Unknown said...

أنا بصراحة مش متخيل إنو في حد مكمن يحب وحدة بهاد الشكل،خمسين سنة أو أكتر و هوى بستنى فيها!!! مش معقول بجد ، يعني بصراحة حقو بالأخير يحكي للقبطان يرفع العلم الأصفر و يضلهم مبحرين إلى ما لا نهاية.