Saturday, February 17, 2007

الكلام

قال شيخنا أبو سليمان:الكلام ينبعث فى أول مبادئه إما من عفو البديهة ،وإما من كد الرّويّة ،وإما أن يكون مركبا منهما ، وفيه قواهما بالأكثر والأقل، فضيلة عفو البديهة أنه يكون أصفى، وفضيلة كد الرويّة أنه يكون أشفى، وفضيلة المركب منهما أنه يكون أوفى، وعيب عفو البديهة أن تكون صورة العقل فيه أقل ، وعيب كد الروية أن تكون صورة الحس فيه أقل ، وعيب المركب منهما بقدر قسطه منهما:الأغلب والأضعف. على أنه إن خلص هذا المركب من شوائب التكلف وشوائن التعسف كان بليغا مقبولا رائعا حلوا، تحتضنه الصدور، وتختلسه الأذان وتنتهبه المجالس ويتنافس فيه المنافس بعد المنافس، والتفاضل الواقع بين البلغاء فى النظم والنثر ، إنما هو فى هذا المركب الذى يسمى تأليفا ورصفا، وقد يجوز أن تكون صورة العقل فى البديهة أوضح وأن تكون صورة الحس فى الروية الوح إلا أن ذلك من غرائب آثار النفس ونوادر أفعال الطبيعة، والمُدار على العمود الذى سلف نعته ورسا أصله
أبو حيان التوحيدى
الإمتاع والمؤانسه