Saturday, April 05, 2008

أسماك نصر الله




يبدو فيلم (جنينة الأسماك) ليسرى نصر الله عملا فكريا لدرجة كبيرة هذا ماجال بخاطرى أثناء مرور أحداث الفيلم البطيئة نسبيا فنحن لسنا أمام عمل سينمائى ممتع بقدر مانحن أمام عمل يحمل أفكارا وحالات وإشارات فى كل مشهد من مشاهد الفيلم

الفيلم يخضع للسرد غير المنتظم خاصة فى أثناء الجزء الأول منه أما أثناء الجزء الثانى فيبدو السرد منتظما نوعا ما وحدوتة الفيلم تحكى ببساطة - فى حال لو نزعنا عنها ألعاب نصر الله- عن يوسف\عمرو واكد طبيب التخدير الشاب الذى يعمل فى إحدى المستشفيات الإستثمارية نهارا بينما يتحول ليلا إلى شريك فى عيادة تقوم بعمليات الإجهاض الغير شرعية ، ويوسف الذى يشعر بالخوف والوحدة - نفس المشاعر التى تحملها جميع شخصيات الفيلم- يهوى سماع القصص التى تخرج من أفواه مرضاه بينما هم تحت أثر المخدر أثناء العمليات الجراحية و تحت سطوته -كتعبير لعشقه لمهنة مروض الوحوش- بينما الطرف الأخر من القصة وهى ليلـَى\هند صبرى وهى مذيعة لبرنامج لـيلـِى يقدم فى الراديو تشاركه أيضا نفس الولع لسماع حكايات المستمعين لبرنامجها إلى أن تدبر لهم الصدفة اللقاء فى نهاية أحداث الفيلم
فى حال مضى الفيلم فى حكى هذه الحدوته بطريقة سرد منتظمة كان الفيلم سينتهى فى نصف وقته لكن نصر الله لجأ إلى طريقة غير منتظمة فى السرد وكان من أهم ما اعتمد عليه فى ذلك لعبة الإنترفيو التى أجراها مع كل شخوص الفيلم -عدا بطليه- كانت كل هذه اللقاءات تصب فى نقطة واحدة وهى تناول البطلين بالحكى من وجهات نظر متعددة للشخوص القريبة منهم كما تحمل هذه اللقاءات أو المونولوجات نفس المشاعر التى يعلن عنها الفيلم الخوف والوحدة - بغض النظر عن مشهد سماح أنور\ مارجريت التى أدت مشهدا تمثيليلا من أروع ما أدت فى حياتها على الإطلاق وعلى الرغم من ذلك لم يك لهذا المشهد من أثر درامى أو هدف فى الحكاية الرئيسية على الرغم من إمكانية اعتبار الخوف هوالحكاية الرئيسية للفيلم واللعب على وتر الخوف من الإضطهاد الدينى لكن إقحام المشهد كان مباشرا مثل إقحام لافتات كفاية التى أصبحت موضة فى كل فيلم مصرى وكأن السينما المصريه هى المستفيدة الوحيدة من تلك الحركة أو أن الفترة الطويلة التى لم تجد فيها السينما المصرية ما تقدمه كرمز للرفض جعلتها متلهفة للصراخ والعويل الأن لكن سماح أنور قامت بأداء تمثيلى جيد بينما تحاول أن تطمئن نفسها بإشعال بعض الشموع لطرد هذه المخاوف ومحاولة مواصلة الحياة بين أهلها-ا
يسرى نصر الله مخرج رائع استطاع أن ينقل إلى حالة الخوف مع كل تفصيلة فى الفيلم بداية من الإضاءة الكئيبة ومع كل حركة وفعل من شخوصه بداية من التصريح بأن فكرة الخوف قد أصبحت شيئا جماعيا عن طريق ظابط الشرطة القادر على إيقاف مجموعه من الشباب وتهديدهم لولا تدخل الأنثى التى معهم فى الموضوع ثم المكالمة التليفونية للمستمع مع المذيعة ليلى\هند صبرى وهو يشرح لها أن الخوف أصبح يطاردنا فى كل مكان (انفلونزا الطيور والحكومة و..و.. إلخ) لينتقل بعدها لمخاوف أبطاله الشخصيه - انتقاله من المخاوف العامة للمخاوف الفردية- ويوسف\عمرو واكد الذى يهوى النوم فى سيارته ويخشى من المبيت بمفرده فى منزله ويخشى الدخول لجنينة الأسماك -التى أظهرتها كاميرات يسرى بالفعل بمنظر بيت الرعب- فيكتفى بالإقتراب من مخاوفه هذه والتطلع إليها من بعيد دون القدرة على مواجهتها -وهو يعبر عن هذا فى مكالمته مع المذيعة ليلى بقوله بلف حول جنينة الأسماك ومش بدخل - إلى أن تأتى اللحظة التى يستطيع فيها الدخول والتطلع إلى مخاوفة فيجد جنينة الأسماك مجرد مكان للقاء العشاق مثل أى مكان للقاء العشاق على نهر النيل والذى يراه هوبنفسه يوميا وهو نفس ما تسأله عنه ليلى حين يتعارفان فى أخر الفيلم- دخلت جنينة الأسماك؟-ا
الصدفة التى أدت للقاء البطلين كانت ساذجة على الرغم من أن يسرى مهـَّد له منذ البداية بمشهد رائع فى المصعد بين ليلى وجارتها الحبلى بطريقة غير شرعية مما أدى لتعاطف ليلى معها والذهاب إلى عيادة طبيب الإجهاض والتى يعمل فيها يوسف بينما يحمل مشهد إعتراف الفتاة لليلى نفس فلسفة الفيلم من خلال الكاميرا التى تابعت هبوطهم فى المصعد خلال ثلاث طوابق حمل الطابق الأول صورة لبكاء الفتاة فى مواجهة ليلى\هند صبرى وكأنها تلقى بإعترافها ثم صورة لإحتضان ليلى للفتاة لتبدومتعاطفة معها فى الطابق الثانى ثم محاولة الفتاة تجفيف دموعها فى الصورة الثالثة قبل الخروج من المصعد ومواجهه الناس ليكمل يسرى لعبته على الأقنعة التى نرتديها خوفا من الأخرين دوما
بطلى الفيلم تجمعهم الكثير من الأشياء المشتركة فكليهما يشعر بالخوف والوحدة ولكليهما وجهان - على الرغم من أن الوجهين لا يتصفان بالتناقض التام فمن أكثر ما أعجبنى أن نصر الله لم يحاول أن يجعل الوجه الخير لو صح التعبيرأو الوجه النهارى فى الشخصيتين وجها مثاليا بل وجه انسانى وعادى جدا يحمل الضعف الإنسانى لكنه يتصرف بطريقة لائقه فقط ( فيوسف طبيب التخدير يرعى والده المريض فى المستشفى الإستثمارى التى يعمل بها يوسف لأن ذلك واجبه كإبن أما ليلى فليس لديها المانع فى تهديد أو لى ِّ ذراع رئيستها فى العمل لتحصل على حقها فى إذاعة إحدى الحلقات) كما أنه لم يصورالوجه الأخر أو الليلى لبطليه بطريقة الشرير المطلق وإنما بطريقة اعتياد شخص أجبرته الظروف على ذلك (سواء عمل يوسف فى عيادة الإجهاض أو عدم ممانعة ليلى لصاحب قناة إعلامية يمثل العلاقات القوية لها وهو يتحسس ساقها فى أثناء الحفلة و الأغنية التى لم يك لها أى مبرر فى خط الفيلم على الرغم من عزف الأغنية على نفس حالة الخوف وقيمة الحياة وموسيقاها السريعة التى تريد أن تشير لسرعة ايقاع الحياة الذى يقذف بنا للوحدة والخوف)- ومن الأشياء المشتركة بين البطلين أيضا حب سماع حكايات زبائنهم ويتطرق يوسف لذلك أثناء حديثه مع ليلى حين تقول له أنها ذهبت للسيرك فيرد هو مخمـِّنا أن الفقرة المفضلة لها هى المشى على الحبل - فى إشارة لمحاولاته الدائمه لمواجهه مخاوفه والسخرية منها- وحين تجيب بالنفى يرد عليها مخمنا مرة أخرى أن الفقرة المفضلة هى مروض الوحوش - فى إشارة لحبهما المشترك لسماع قصص زبائنهم فى لحظات البوح أو الضعف الكاملة لهم سواء كانوا تحت تأثير مخدر يوسف أو تحت سطوة التخلص من حكاياتهم فى برنامج ليلى-ا
نقطة الإنقلاب فى الفيلم جاءت متأخرة جدا حين تكون ليلى فى عيادة الإجهاض مع الفتاة جارتها وتسمع صوت يوسف وهويحدث الفتاه التى تدخل تحت تأثير مـُخدره فتعرف أنه نفس صوت محدثها والذى كشف لها عن وحدتها وعن جانب من شخصيتها أثناء مكالمته التليفونيه- وهوما أراه احد نقاط دفع الأحداث الساذجة داخل الفيلم أيضا- ببرنامجها فتنهض من مقعدها وتبدأ بمسح مكياجها - المكياج الذى أطلقت عليه صديقتها أنه قناع جديد تختفى هى خلفه- لتـُسقط أقنعتها جميعا وتواجه يوسف بمعرفتها له ويقوم هو بمصاحبتها بعد انهاء العملية للفتاة ويخرج من زقاق العيادة الملىء بالقمامة والذى يكنسه أحد العمال فى إشارة إلى أن مكان قذر كهذا يستطيع أن يجلب مصادفات جيدة وأشخاص نظيفة
فكرة الأقنعة توجد أيضا فى أكثر من مشهد ومنهم الانترفيومع باسم سمرة \ مساعد ليلى فى إعداد البرنامج حين يتحدث عن عشقه لها(المخفى والمحجوز بواسطة زجاج الغرفة بينهم طوال الوقت) وهو يستبدل لون غرفته الأحمر الذى يظهره ضبابيا فى وجود ليلى -قناع أخر تم التعبير عن اسقاطه بالاضاءة- باللون الأزرق والأوضح فى أثناء غيابها
نحن إذن أمام شخصيات خائفة ترتدى كل مالديها من أقنعة ومنعزلة رغم كثرة المقربين منها حتى أخو ليلى الذى ينعزل عن العالم داخل هواجسه الجنسية ووالدتها التى ترى أن الحديث بحرية والتعبير عن النفس خطأ وأن الصمت أولى ووالد يوسف\جميل راتب المنعزل داخل مرضه والذى يصر على أن يتذوق ابنه نفس المخدر الذى يعطيه له تسكينا لألامة كى لايرى لحظات بوحه ويجد فى أحدالمرضى\أحمد الفيشاوى ونسا أكثر من ابنه لأنه يشاركه نفس لحظات الضعف والمرض وحتى مشهد الأسلحة فى ظهور رجال الأمن فى مبنى الإذاعة الذلا تعمل به ليلى واحتياطات الأمن المتخوفة أثناء دخولها لعملها
وجنود الأمن المركزى التى تعبر على وجوههم الكاميرا وهى سواسية مثل وجوه المتظاهرين إلا أن قناعهم أجبرهم فى تلك اللحظة على مسك العصا بينما تمر الكاميرا على رقبة الظابط رئيسهم متجاهله وجهه تماما وبينما يتطلع يوسف إلى صفحة النيل وهى تصور القارب الصغير ملتفا وعائدا لنقطة البداية من جديد وكأن الخوف لاينتهى طالما ظلت الحياة فى جسد الإنسان

11 comments:

karakib said...

اساسا ده مش فيلم
ده اي حاجة تانية
ده مش فيلم ابدا

Anonymous said...

عود " أحمد" أولا.. و انشاء الله سبب الانقطاع خير.. لكن فعلا أعجبني طريقة عرضك للفيلم الذي لم أره و لكني أكيدسأراه..عموما أمتعني تناولك و تحليلك الشيق..و لكن أتمنى ألا يكون كلامك أجمل من مستوى الفيلم الحقيقي
و لك تحياتي
وفاء

أحمد محجوب said...

هذا هو الفساد الذي ينتجه الجمهور يا أبو كامل

تركتكم في غيكم تفرحون بالفيلم الركيك وقلت في سري معلش أهي سبوبة ينكتب عنها ونقبض قرشين لحفل مارسيل وخلافة

لكن أن يتحول إلى بوست على الفيس بوك وهنا في المدونة فهذا مما لا تحمد عقباه ولا يكون أوله كآخرة أبدا

وعلى الباغي تدور المسالك البولية

لعتني عليك وعلى أبو عزت الشنقيط وبلغه اللعنة والسلام والتحية وخلافة


قاقان البحرين

وأمير القطرين

أحمد محجوب بن سيرين قدس الله روحه الفضفاضة و حفظ ملابسه الخارجية والداخلية

عوليس said...

كراكيب: صراحه انا لم افهم من التعليق ان كان الفيلم عجبك ولا لا
بس نورت يا برنس

د.وفاء:الله يسلمك
واتمنى ان الفيلم ينال اعجابك
اما تشوفيه

محجوب:أيها الخاقان العظيم
وقد ذهبت حفلة مرسيل ولم نجد ما يسرنا فيها فقلنا نرضى انفسنا بما قسمه لنا القدر وليس ذلك بغى بل هو يا امير المؤمنين عدالة الرضا وانى أشكو بثى وحزنى إلى الله وأعلم من الله مالاتعلمون

الكولونيل كاميللو
السارح بقدميه إلى بلاد ما أمام النهر
أبعد الله عنه أى أعطاب المسالك البولية

شغف said...

تمام جدا يا أحمد
كويس انك بدأت " تدون " ، مش تنزل قصايد و بس ، أهو كده يكون فيه انتعاش في الحركة الثقافية للبد :-D

ما شفتش الفيلم ، بس شكله كده رواية مش فيلم

و مش عارفة بقى ، هل انت كاتب عنه من باب انه عجبك ، فنروح نشوفه ؟ و لا من باب مجرد حاجة شفتها و بتتكلم عنها ؟

انت عرضت رؤيتك للفيلم ، لكن مش واضح فيها رأيك بالنسبة له

عوليس said...

بنسبة كبيره يا ياسمين الفيلم عجبنى فعلا
وبنسبة كبيره ساعة ما كتبت البوست ده كنت عارف انك هتعلقى عليه التعليق ده برضه
( :
على العموم اما تشوفى الفيلم انشاء الله تكون فيه فرصه افضل للنقاش

Camellia Hussein said...

امممم
كنت ناوية ادخله
وحمستني أكتر
بحب الاسلوب ده في العرض اللي ما بيحرقليش الحاجة:)
بس ايه حكاية ان حفلة مارسيل لم تسركم دي؟؟؟؟
ازاي يعني؟!؟

Samar Ali said...

مدونتك عميقة
اسمحلي ازورك دايما

نصرالله قادر دايما علي ادهاشنا

Samar Ali said...
This comment has been removed by the author.
عوليس said...

كاميليا: منورك يافندم
وموضوع حفلة مرسيل اننا ملقناش تذاكر اصلا كانت خلصت

د.سمر:شكرا على الزياره الجميله يا دكتور
( :

المريد said...

مش حقول أكتر من كويس انكم عندكم سينما وجنينة أسماك
والله وحشني كلامك يابرنس