Monday, December 15, 2008

معى درويش سيهدين

إلى:محمود درويش
إلى: وفاء صلاح..محمد عزت..شيماء عزت
إلى:فانيليا

أحتاج قصيدة جديدة.. لكلمات جديدة تلعق معى تلك الوحدة، وتحفظها جدران الغرفة كما فعلت دوماً.. كنت تشاركنى الكثير.. وأنا كنت أريد لهذه المشاركة أن تتم ولم أستطع.. حروفك صنعت للكثيرين ولكنها رغم ذلك أعطتنى نصيبا كاملا من الخصوصية.. كأنها فُصـِّلت لى وحدى.. لذا أتجه لك بما يليق من عارف فضل إلى سيد معطىٍ..
*****

وعيى بـ(محمود درويش) كان متأخراً عن عالمه بنحو ثمانية وخمسين عاما. كنت فى الثامنة عشر من عمرى عام 1999 حين وقعت على مختارات لمكتبة الأسرة تضم بعضا من أعماله.. ومن يومها لم ينقطع شغفى به.. كانت (أحمد الزعتر) بداية الجنون به.. فيما بعد عرفت أنها كانت ضمن ديوان أعراس والذى كانت طبعته الأولى فى عام 1977.. القصيدة كانت مختلفة تماما عن جميع ما قرأت فى تلك الفترة.. حفظتها حرفا حرفا.. تلك الغنائية الفاتنة ملكتنى وسحبت عينى لأسطورة السعى خلف الجمال.. المشهد الرومانسى الحالم حتى فى وصف قسوة الحوافر.. الخروج قليلاً عن إطار التكنولوجيا إلى جناح سنونوة.. بعدها أصبح للتوغل فى عالمه الشعرى طعم البرتقال، ونفثات السحر
*****

للحصى عرق و مرآه
و للحطاب قلب يمامه
أنساك أحيانا لينساني رجال الأمن
يا امرأتي الجميلة تقطعين القلب و البصل
الطري و تذهبين إلى البنفسج
فاذكريني قبل أن أنسى يدي

من\ أحمد الزعتر

*****

للوحدة مع درويش طعمٌ أخر.. حين تهجرك حبيبة.. يكفى أن تقعد مساءاً.. وأنت تردد.. خديجة لا تغلقى الباب.. وحتى وإن أغلقته.. فأنت الرابح لإتحادك فى المعنى مع درويش.. بعد العملية الإستشهادية لـ(وفاء إدريس).. وضعت صورتها على جدار غرفتى وكتبت تحتها –قمرعلى بعلبك : لأموت حين أموت- كانت بعضا من أبياته فى قصيدة بيروت.. كنت أقول لها صباح الخير يا بطلة خلال أيام الوفاق مع حبيبتى.. وفى أيام الخصام كنت أردد عليها ليس علينا حرج وليس لنا شريك إن قلنا صباح الخير يا حبيبتى

*****
قمر على بعلبك
ودم على بيروت
يا حلو، من صبّك
فرسا من الياقوت!
قل لي، و من كبّك
نهرين في تابوت!
يا ليت لي قلبك
لأموت حين أموت
قصيدة بيروت

*****

فى الإنتظار.. يوجد درويش.. حين أبدأ بإستحضاره، كثيرا ما كنتُ أغلق الكتاب وأنساه لأسرد شكواى.. فـهو الغريب مثلك.. والغريبُ أخ الغريب.. له عنده التسرية والسمع.. ولديه منه الوفاء وإن غاب.. خلال قرأتى لجداريته.. كنتُ أقع وألف وأدور.. أبكى وأصرخ وأجن.. غرفى الصغيرة تشهد بذلك.. ماهذا الشعر المـُصَفـَّى.. لكل سطر قوته الكاسحة.. يوقفنى كل سطر لأحكى.. حكيتُ بينى وبينه عن مذاق حبى الأول.. ومنذ أيام ضبطتنى متلبسا أسرد عليه حلمى الأخير مع فانيليا بكل تفاصيله.. بداية من جلوس سعادة على كنبتها وساقها مرتفعة قليلاً بينما كانت تقف فانيليا على حافة الباب عن يسار سعادة.. أخرجت قلبى من صدرى ووضعته فى كف سعادة وأنا أردد.. أنظرى كم أحب ابنتك.. قولى لابنتك إن ثقل الحب بقلبى لها مثل ما بقلبك لها.. فى مرة أخرى كنت أحكى له عن غباء فلورينتينو أريثا.. فللإنتظار حدود.. أنا أحب فلورينتينو وأكره الأطباء.. هنالك طبيب استحل فيرمينا داثا وحرم منها فلورينتينو.. وهناك طبيب استحل حبيبتى الأولى أيضا.. ولكن إن دام الإنتظار.. فلتكتمل الأسطورة بالحرمان.. كان ماركيز قاسيا جدا ليحل ألآم فلورينتينو الممتدة نحو خمسين عاما بالوفاق فى أخر عشرة صفحات.. كان الحرمان أولى لتكتمل الأسطورة.. مثلما ذهبت أنت يا درويش دون ولد.. وأنت تردد قبلها.. وعش الحياة الأن فى امرأة تحبك\عش لنفسك لا لوهمك ..
*****

الأن قد أعرفك فى حياة أخرى.. لتسمع لى كما سمعت لك.. أنت قلتها.. تلك أرواحٌ تغير شكلها ومقامها.. ولم يمت أحد تماما.. فما بالك إن كان هذا الأحد (درويشا)..1

3 comments:

nour said...
This comment has been removed by the author.
nour said...

انا ارى ايضا ان فلورينتينو اريثا كان غبيا جدا
لم اتعاطف معه على الاطلاق
فى الواقع كنت متعاطفه مع خوفينال اوربينو الطبيب الذى تزوج من فيرمينا فهو يبدو اكثر اتزانا بكثير
لم افهم تهاون فلورينتينو وضعف الثقه العارم الذى يتمتع به..كنت اريد ان اصيح به
grow up go on in ur life
ربما يبدو رأيى صادما ولكن دائما وانا ارى انه من اكثر الشخصيات التى اثارت تقززى و ايضا لم احب العودة فى اخر عشر صفحات..فهو لم ينل فيرمينا كما عرفها
كان يبدو كالخيار المتبقى الذى اخذته عن مضض
لا ادرى لماذا يسمح رجل لنفسه ان يصبح خيارا اخيرا لدى امرأة لا تحبه
وهو يستطيع بكل سهولة ان يكون الاول فى حياة اخرى تحبه
ولكن يبدو ان للحب رأي اخر..و دائما ما كان الممنوع مرغوب
ودائما هناك من يظلم لا لشىء الا لحبه العارم
على كل حال
اتمنى ان تقرأ فانيليا هذا ربما تعلم انك حقا تحبها الى هذا الحد
وربما توافق اخيرا على حبك بعد كل هذا الانتظار و التشتت مع اخريات مثلما فعل فلورينتينو
ولكنه لن يعلم ابدا ان ليونا كاسيانى لم تكن مثل ما يبدو عليها
او ربما كانت سارا نوريغا هى المرأة المناسبة فعلا
من الخسارة انه لن يعرف هذا ابدا بعد
الآن

انا كنت كاتبه تعليق قبله ومسحته عشان كان فيه كلمتين ناقصين
:))

Anonymous said...

آه نحتاج قصيدة جديدة..عندما عرفت خبر ذهابه كنت فى نبتجية سهر بالمستشفى، فى اليوم التالى اصطحبت معى مختاراته.. ورغم كونها إحدى عاداتى لكنى أحسست أنى أصطحبه بذاته.. أنا أيضا كنت أحس كلماته لى وحدى.. منذ فترة وأنا أسكن الصمت والغياب كأن فقاعة تحملنى وتبعدنى عن عالمى ويراودنى ذلك الشعور القديم أنى أحيا أياما غير أيامى وأتحرك فى محيط ليس لى..هل كان لى أن أطمئن إلى رؤاى وأن أصدق أن لى قمرا تكوره يداى؟
كذلك جداريته تلازمنى تدفعنى لأفتش عن نفسى على أقابلها مع نجمته المهجورة التى أهدانى إياها، وأقول: لم نكبر كثيرا يا أنا..
ولم أزل أرحل فى كلماته أخطها على كتبى ، على أوراق منسية ومتناثرة أنفث ألمى و فرحى..
لو أستطيع أعدت ترتيب الطبيعة: ها هنا صفصافة وهناك قلبى
هاهنا قمر التردد
هاهنا عصفورة للانتباه
هناك نافذة تعلمك الهديل
وشارع يرجوك أن تبقى قليلا

قالت لى "وفاء" أنك كتبت شيئا "يخصنا" ..كانت تضحك بمرح ولم تفصح عن طبيعته.. حين عدت فاجأنى نصك الرائع.. يتملكنى شعور بالسعادة.. بالحنين، والوجع
كنت بحاجة لشئ مثل هذا، شئ يحطم دائرة الصمت والغياب..
أنا أيضا أسرتنى "أحمد الزعتر" منذ بداية تعرفى بدروش. لكن أول ما قرأت له فعليا كان "يطير الحمام".. جلست يومها على أرضية غرفتى وأنا أرتعش.. انفعلت حتى أن أمى أتت لتسمعنى وأ نا أقرأها..
بعدها كانت "أحمد الزعتر"، صدمتنى ، لدرجة أنى لم أستطع اكمالها..أصابنى شئ أشبه بالحمى، ثم صارت مقررا يوميا لفترة طويلة
ما قلته عن الانتظار أعجبنى وأدهشنى كذلك.. يذكرنى بما فعله درويش ببينلوب .. كنت دوما أحب يقينها وقوتها.. لكنه منحها شيئا آخر.. فهى تنتظر بذات القوة وذات الحجة ولكن.. بخيبة أمل
النهايات المحبطة بقدر ما تؤلمنا ، تمنحنا شيئا من السلوى إذ تجعلنا لا نرثى لأنفسنا طويلا وتختصر علينا محنة الأمل.. ربما لذلك لم تعجبك نهاية الحب فى زمن الكوليرا ، تحليلك للفكرة يعجبنى رغم أنى لم أفكر فيه هكذا من قبل وهذا شئ جميل جدا فى هذا النص .
و أنا أقول دوما أن الحب الصامت الضائع يضفى على صاحبه نبلا خاصا.
لا أدرى.. هذا أطول كثيرا من مجرد تعليق سامحنى، لكن كلماتك أورثتنى شعورا حقيقيا بالامتنان..
إليه..
إليك..
إلى أخى و صديقتى وذلك الحبيب الملازم لسحابة لم تمطربعد، ذلك الذى لم أعرفه بعد ولم يعرفنى
إلى البنفسج والبحر و الانتظار
إلى القمر الليلكى..قمر بيروت وبعلبك، و قمر المسافة الزائف
إلى كل الأحلام الضائعة التى أحببناها و نسيتنا.. فسامحناها..
شكرا
شيماء عزت